عرض كتاب .. بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر – دراسة اجتماعية معمارية

الكتاب : بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشرjournal_Page_420

لمؤلفته .. د نللي حنا وترجمة حليم طوسون

يأتي الكتاب عن تلك الدراسة التي بدأتها الباحثة في سنة 1981 للحصول على درجة الدكتوراة من جامعة ” إكس آن بروفانس ” تحت اشراف المؤرخ ” أندريه ريمون ” تنطلق د نللي حنا من حقيقة ان معظم بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر كانت بيوتا متوسطة أو متواضعة او فقيرة ، ولم تكن مجرد قصور .. ومن ثم فإن دراسة هذه البيوت تعطينا صورة شاملة لفهم التراث المعماري للقاهرة وكذلك حياة المجتمع وفئاته المختلفة ، وتلك الفئات التي لايذكرها المؤرخون والباحثون .. ولأن معظم تلك البيوت اندثر، فقد اعتمدت الباحثة بشكل رئيسي على سجلات المحاكم وما تقدمه من صورة للسكنى في القاهرة .

يضم الكتاب اربعة اقسام ، تمهد د نللي دراستها بقسم اول يتناول البنيات والمؤسسات ” تستعرض فيه الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في ظل الحكم العثماني وكذلك الموارد الرئيسية للولاية ممثلة في الانتاج الزراعي والانتاج الحرفي والتجارة .. وبالتالي التعرف على الطبقات الاجتماعية وتقسيمها الى فئات تتفق في خطوطها العامة من مجموعات مهنية بعينها ابتداء من الطبقة الحاكمة ثم اعيان التجار فرجال القلم من رجال الدين وارباب المهن الادارية والحسابية ، ثم تستعرض الباحثة طبقات وفئات الحرفيين وصغار التجار .. وجاء هذا القسم كخلفية لفهم السياقات المختلفة التي قامت ضمنها بيوت القاهرة بخصائصها وأنماطها وانواعها المختلفة ومنها يمكن رسم الخريطة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمع القاهري .

وفي القسم الثاني من الكتاب تقدم د نللي حنا صورة عامة للاسكان في القاهرة وتبدأ برصد أنواع السكن والسمات العامة المشتركة فيما بينها والتعرف على العناصر الرئيسية المعمارية التي يتكون منها البيت عامة ثم التعرض لكل نمط اجتماعي لهذه البيوت من القصور والبيوت الكبيرة والبيوت متوسطة المستوى وأخيرا الربع والبيوت المتواضعة ومساكن الفقراء ، وعليه يمكننا رصد تطور الاسكان بين القرنين السابع عشر والثامن عشر في القاهرة .

وتفرد الباحثة القسم الثالث لعرض نماذج معمارية بالوصف والتحليل لعدد 17 مسكن من البيوت المتوسطة والتي كانت واسعة الانتشار وتشكل جانبا كبيرا في السوق العقارية بالقاهرة وكانت تتوافق مع اسلوب حياة واحتياجات سكان منتمين الى فئة اجتماعية اقل ثراء من الحرفيين المتوسطين والميسورين المهيمنين على السوق العقارية لهذا النوع من هذه البيوت .

كما تستعرض د . نللي حنا البيوت المتواضعة التي يفوق عددها اي نوع آخر من البيوت ، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا النوع من السكن غير معروف للأسف بشكل دقيق نظرا لعدم توفر اي آثار لها ، وفي حدود المتوافر من معلومات من الوثائق فكانت هناك فروق كبيرة وواضحة بين هذا النوع من البيوت وبين البيوت المتوسطة ، وتمايز الباحثة هنا بين نوعين من عمارة هذه البيوت .. نوع كان القسم المخصص للسكن فيه في الدور العلوي اساسا ، ونوع اخر هو الاشد فقرا كان القسم المخصص للسكن في طابق ارضي ..

وتنتهي د نللي حنا في دراستها في القسم الرابع والاخير الى التساؤل عن الطريقة التي كان يتم بها تنظيم العمران السكني في مجتمع القاهرة ذي التركيب الطبقي الهرمي وما يتميز به حسب رؤية الباحثة بفروق شاسعة بين الاغنياء والفقراء وتتعدد معها الفئات المهنية وانتمائاتها العرقية والدينية .. وكانت النتيجة هو رسم خريطة عمرانية واجتماعية لعمران المدينة وتقسيمها الى ثلاث مناطق رئيسية ..

  • منطقة للسكنى الغنية في وسط المدينة ..
  • منطقة للسكنى الفقيرة في اطراف المدينة ..
  • منطقة للسكنى المتوسطة تقع بين المنطقتين الأولين ..

الا ان هذه المناطق – كما ترصده الباحثة – لم تكن مقصورة حصرا على فئة اجتماعية بعينها ، بل كانت تتضمن مساكن متنوعة الى حد كبير من الفئات الثلاث السابقة ، ويأتي الاختلاف بين كل منطقة وأخرى الى نسبة كل نوع من هذه البيوت فيها ، وبالطبع حدود تلك المناطق لم تبق ثابتة نتيجة للحراك العمراني والمجتمعي في القاهرة .. ويستبعد من ذلك التقسيم أحياء الاقليات كحارة النصارى وحارة اليهود وتلك الحارات المقامة حول البرك وسكانها من الاجانب خاصة بركة الازبكية .

وتتضمن خاتمة الكتاب اجمالا السمات المميزة للبيت المتوسط في القاهرة ..

تلك بعض ملامح الصورة الشاملة التي رسمتها د . نللي حنا في كتابها ودراستها عن بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر من خلال منهجية علمية جديدة لقراءة عمران القاهرة في عصر الولاية بوجه خاص ، تلك المنهجية التي تضع الموروث المعماري المبني سواء الباقي منه او المندثر في سياق حضاري اجتماعي مرتبط بالمؤسسية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .

يقع كتاب بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر في حوالي 335 صفحة ينتهي بمجموعة ملاحق تشمل نماذج للوثائق التي اعتمدت عليها الباحثة وكذلك قوائم بمصادر الدراسة والمراجع العلمية التي شكلت مرجعية علمية للدراسة .

والكتاب موجود ضمن مقتنيات مكتبة مركز طارق والي – العمارة والتراث

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s