بقلم : طارق والي …
من حكايات ميدان ..
ميدان الاسماعيلية
ميدان الكوبري
ميدان الخديو اسماعيل
ميدان الحرية – التحرير
ميدان السادات
مسميات لذات المكان كل منها تحكي حكاية للميدان والمدينة والانسان ..
تاريخ مكان .. يحمل ذاكرة المدينة ، وتهدف روايته الى تعميق فكرة الانتماء والحفاظ على ذاكرة المكان ذاته في وجدان المجتمع والانسان ابن المدينة ، نرسم من خلالها خريطة زمانية وثقافية تعيش لتبقى حية وفاعلة في ضمير وهوية هذا الانسان ، زائر الميدان أو العابر فيه .. هذا الميدان الذي تصدر امس واليوم المشهد في حياة المصريين بما جرى فيه من احداث وتفاعلات ، وبما يضمه من عمائر كانت أو استمرت وعما تخرج عنه من شوارع تحكي حكايات وتحمل مسميات لها دلا لتها وتاريخها ..
بدأ التاريخ المعاصر للمكان من ستينات القرن التاسع عشر مع احلام الخديو اسماعيل بباريس الشرق بتنمية حي الاسماعيلية هذا المشروع الذي خرج عن القاهرة وسكانها . كان يطلق على المكان في العصر المملوكي اسم زريبة قوصون وشانه شان بقية الاراضي المطلة على النيل يغلب عليها النمط الزراعي وتربية الحيوانات ، واستمر الحال خلال المرحلة العثمانية ( عصر الولاية ؟) – حتى القرن التاسع عشر حينما بدأ بإزالة التلال والزراعات وردم البرك التي كانت تنتشر غرب المدينة حتى ضفاف النهر ، وتغيرت معها مورفولوجية المكان وطبيعتها العمرانية من امتداد شارع عماد الدين الحالي والازبكية وجنوبا الى قصر العيني ، وشملت المنطقة أخطاط أحياء الاسماعيلية والتوفيقية ومعروف وباب اللوق والدواوين والقاصد والانشاء والجواياني والمنيرة .. ولاحقا أحياء قصر الدوبارة وجاردن سيتي في مطلع القرن العشرين .. ولكل من تلك المسميات اصل تاريخي في ذاكرة ” القاهرة المحروسة ” ، يرتبط بالزمان والمكان والمجتمع . وكان موضع ما عرف باسم ميدان الاسماعيلية في الربع الاخير من القرن التاسع عشر – يتوسط تلك الاخطاط بل وبوابتها من جهة الجزيرة ولا سيما بعد افتتاح كوبري قصر النيل تحديدا سنة 1872 وكان اول كوبري يربط شرق النيل والقاهرة بالجزيرة ومن ثم بالضفة الغربية للنيل ..
وقد تعاقبت على هذا الميدان عدة مسميات هي :
ميدان الكوبري
ميدان قصر النيل
ميدان الاسماعيلية
ميدان الخديو اسماعيل ( في يونيو 1933 )
ميدان الحرية ( شعبيا وصحفيا 1952 )
ميدان التحرير ( في يناير 1953 )
ميدان السادات ( في ثمانينات القرن العشرين )
وانتشرت حول هذا الموضع من المدينة ( الميدان ) قصور الامراء والحكام والنخب المجتمعية والسياسية ، وكذلك العمائر المدنية والمباني والمنشآت العامة ، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر :
- سراي قصر النيل .. كان يوجد في غرب القاهرة ( غرب موضع الميدان ) أحد القصور الشهيرة ” قصر النيل ” وقد أنشاه محمد على باشا والي مصر لابنته نازلي هانم ، ثم اشتراه منها سعيد باشا بعد ان تولى حكم مصر وهدمه وبدأ في سنة 1853 في انشاء ثكنات عسكرية مكانه ، وقد تم بناءها في سنة 1863 في عهد الخديو اسماعيل لتكون مقرا لنظارة الحربية ومدرسة الحربية وقيادة الجيش المصري حينها ,, وبعد الاحتلال الانجليزي سنة 1882 اصبحت ثكنات للجيش الانجليزي في العاصمة .. وكان يتبع هذه الثكنات في غربها حرم او ساحة مغلقة مطلة على النيل مباشرة كما كان يتبعها في شرقها ساحة اخرى مسورة شاسعة تشغل معظم مساحة الميدان بوضعيته الحالية .. وكان كلتا الساحتين الشرقية والغربية يستعملا للتدريبات العسكرية وكمطار عسكري لطائرات الهليوكوبتر للجيش الانجليزي المحتل للبلاد .. كما انشأ الانجليز خط سكة حديد عسكري يصل بين هذه الثكنات ومحطة مصر عند بابا الحديد ( عبر شارع الجلاء الحالي ) ، كذلك انشأ الانجليز في الطرف الجنوبي الشرقي يمين هذه الساحة الشاسعة كنيسة لجنودهم أسموها” Garrisan Church “ ورغم توقيع معاهدة 1936 التي نصت على انسحاب الانجليز الى منطقة قناة السويس الا انه وبسبب الحرب العالمية الثانية استمر تواجد القوات الانجليزية طوال الحرب حتى جلت عنها في مارس 1947 .. وفي سنة 1953 هدمت الحكومة المصرية بعد الثورة تلك الثكنات بسبب ذكرياتها لعصر الاحتلال ورمزيتها ، وقد بنى مكان جزء منها فندق هيلتون الذي افتتح في فبراير 1959 كما بنى مكان جزء اخر منها جامعة الدول العربية الذي افتتح في مارس 1960 ، ومعها تم اعادة تخطيط الميد
ان (وسمي بميدان التحرير منذ سنة 1953 ) - سراي الاسماعيلية .. تنسب الى منشئها الخديو اسماعيل في سنة 1868 وفي اواخر القرن التاسع عشر صارت السراي مقرا للمعتمد العالي العثماني ( وهو على غرار المعتمد الانجليزي ولكن كانت سلطته اسمية ) حتى سنة 1908 كانت تحمل رقم 24 شارع مصر العتيقة ( شارع قصر العيني الحالي ) وفي سنة 1910 بدئ في هدمها ولكنه توقف .. وفي سنة 1924 اتخذ جزءا منها مقرا لادارة المرور كما اتخذ جزء آخر مخزنا لمصلحة المساحة .. ثم تم هدمها في نهاية سنة 1938 ، ثم اخذ نفس مساحتها الشمالية لتوسعة ميدان الخديو اسماعيل بينما بني في سنة 1951 على نصف مساحتها الجنوبية مجمع التحرير الحالي وتم افتتاحه نهاية سنة 1952
قصر الامير كمال الدين حسين .. قصر الامير كمال الدين حسين – وهو احد امراء اسرة محمد علي وهو ابن السلطان حسين كمال سلطان مصر ، ويسجل له التاريخ اعتذاره عن قبول عرش مصر خلفا لابيه في سنة 1917 وانتقلت ملكية القصر لأرملة الأمير ” الاميرة نعمة الله ” حتى اشترته الحكومة سنة 1934 ليكون مقرا لوزارة الخارجية ولا يزال القصر تابعا لوزارة الخارجية الى اليوم . ويوجد الى جنوب قصرا اخر توسعت فيه وزارة الخارجية في سنة 1954 وجعلت هناك معهدا للدراسات الدبلوماسية .
- قصر احمد خيرت باشا ( قصر جانا كليس ) .. يقع القصر في الجانب الشرقي لموضع ميدان الاسماعيلية واصلها اراضي زراعية تم تقسيمها في عهد الخديو اسماعيل فيما يعرف بحي الاسماعيلية حيث اقيمت هناك الفيلات والقصور ومنها قصر البستان ( هدم بالكامل ولم يبق له اثر ) وقصر احمد خيرت باشا الذي كان ناظرا للمعارف في سنة 1882-1883 وكان القصر يمتد من ميدان الاسماعيلية غربا حتى شارع الفلكي الحالي شرقا كما ان حدائقه كانت تشمل شارع محمد محمود الحالي الذي لم يكن موجودا ىنذاك .. ثم اصبح منذ اواخر القرن التاسع عشر قصرا يمتلكه ويسكنه المليونير اليوناني ” نستور جاناكليس ” وفي الفترة من سنة 1906 الى نهاية سنة 1908 شغلت السفارة الفرنسية الجزء الشمالي من هذا القصر ، اما في الفترة ما بين ديسمبر 1908 الى نوفمبر 1918 شغلت الجامعة الاهلية الدور الاول منه ، كما شغلت الجمعية الخديوية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع الدور العلوي منه ( حتى انتقلت الى مكانها الحالي بشارع رمسيس امام مبنى الشهر العقاري ) وشغل اتحاد النساء المصريات جناحا من القصر . وفي سنة 1915 شغلت المدرسة السعيدية الدور العلوي منه حتى عادت الى مبناها الاصلي سنة 1919 . واخيرا من سنة 1920 الى الان شغلتها الجامعة الامريكية بالقاهرة .
- جامع الشيخ العبيط ( عمر مكرم ) .. ينسب المسجد الى الشيخ محمد العبيط المدفون به ، وكان يعيش في عصر محمد علي باشا ، والذي كان يدسه في وسط خصومه للتجسس واخبار الوالي عنهم .. وفي سنة 1868 جدد الخديو اسماعيل المسجد وادخله ضمن سراي الاسماعيلية حيث كان يقع في الركن الجنوبي الغبي منه وقد هدم المسجد وبنى مكانه جامع عمر مكرم الحالي حيث افتتح غي فبراير 1956..
المتحف المصري .. في عهد الخديو عباس حلمي الثاني قررت الحكومة المصرية اقامة مبنى جديد للمتحف المصري وتم وضع حجر الاساس في ابريل 1897 في موقع شمال ميدان الاسماعيلية وكانت ارضا زراعية ، وفي نوفمبر 1902 افتتح الخديو عباس حلمي الثاني المتحف المصري او دار التحف والاثار والعاديات ، ونقلت اليهالاثار الفرعونية من سراي الجيزة ومبنى متحف بولاق الذي اسسه الخديو اسماعيل بمناسبة زيارة السلطان العثماني لمصر .
تلك العمائر وغيرها تسجل حكايات من تاريخ الميدان لكل منها حكاية عاشها المجتمع وعاصرها المكان .. والميدان .. ولسنا هنا في محل رصد لكل العمائر او الاسترسال في رواية حكاياتها ولكننا نفتح العقول لقراءة تاريخ المكان بوعي وموضوعية لفهم وادراك ماهية الميدان في ذاكرة المدينة ، وتكتمل الرواية بادراك ثانيا ارتباط هذا الموقع بالمدينة من خلال محاور واعصاب حركة وشوارع تحمل مسمياتها دلالات اخرى لحكايات الميدان ، ثم ثالثا نكشف الحجاب عن خفايا تلك او بعض الاحداث المجتمعية ولا سيما الشعبية السياسية في قلب الميدان والتي تعتبر في مجموعها وتتابعها محطات في الحراك الشعبي المصري منذ نهاية القرن التاسع عشر والى اليوم ..
أما عن تلك الشرايين الرابطة بين الميدان بوابة القاهرة الغربية وبين احياء وخطط القاهرة الجديدة او المستحدثة منذ مشروع الخديو اسماعيل ” باريس الشرق ” ، يأتي في مقدمتها كوبري قصر النيل ثم الشوارع المشعة من هذا المركز ” ميدان الاسماعيلية ” ومنها على سبيل المثال :
شارع قصر العيني
شارع محمد محمود ( القاصد سابقا )
شارع التحرير وشارع البستان
شارع شامبليون وشارع مارييت
شارع سليمان باشا ( طلعت حرب حاليا )
شارع قصر النيل
شارع الملكة نازلي ( رمسيس حاليا ) وشارع الجلاء
ويتصدر هذا المشهد شارع محمد محمود بحكم الاحداث التى عاشها ونعيشها اليوم .
شارع محمد محمود ..
لم يكن الشارع مفتوحا من ميدان الاسماعيلية حتى شارع يوسف الجندي الحالي ، وذلك رغم وجود قرار سابق بفتحه ، وقد جرى ببطء نزع الملكيات التي تعترض شقه ، وكان اخرها سنة 1936 وهو حديقة مدرسة الليسيه الفرنسية التي كانت تمتد الى جنوب مبناها الحالي ، وبذلك اتصل شارع القاصد بميدان الاسماعيلية ، وتم تغيير اسمه الى شارع محمد محمود . ومحمد محمود باشا احد اهم مشاهير رجال السياسة المصرية في النصف الاول من القرن العشرين ، اطلقت عليه الصحافة المصرية لقب ” ذو اليد الحديدية ” وعلق على هذه التسمية عباس العقاد بمقولته الشهيرة : يد من حديد في ذراع من جريد .. وكان محمد محمود باشا من الاعضاء البارزين في حزب الوفد ، وعقب سنة 1919 وتحديدا سنة 1926 تولى وزارة المالية ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية بالانابة ، حتى سنة 1928 حين تولى لاول مرة رئاسة الوزراء خلفا لوزارة مصطفى النحاس التي اقالها الملك فؤاد .. وتولى محمد محمود باشا رئاسة الوزراء فيما بعد اربع مرات كان اخرها سنة 1938 بعد ان كان رئيسا لحزب الاحرار الدستوريين حتى وفاته سنة 1941 ..
ويوجد خلف عمارة بحري المطلة على الجانب الشرقي للميدان شارع قصير هو شار ” الامير قدادار ” الذي يوصل شارع محمد محمود بشارع التحرير الحالي ، وقد كان هذا الشارع القصير في النصف الاول من القرن العشرين بمثابة شارع الصحافة وقد ارتبط مكانيا بشارع محمد محمود نفسه ، وتعود تسمية ” شارع الصحافة ” تلك لهذا الشارع القصير نظرا لوجود عمارتان كانتا بها ادارات بعض المجلات والجرائد حينها ، والعمارتان لا تزال موجودتين وهما
- العمارة رقم 2 ناصية شارع التحرير ، حيث كان فيها :
- مجلة الرقيب في سنتى 1927-1928
- مجلة روزاليوسف بدلا من مجلة الرقيب
- مجلة مصلر الحرة سنة 1929
- مجلة الربيع من سنة 1930-1935
- مجلة اخر ساعة من سنة 1932-1938
- العمارة رقم 9 بين شارع محمد محمود وشارع منشأة الفاضل حيث كان فيها ..
- دار الهلال بين سنة 1923-1942
- جريدة ابو الهول سنة 1923-1930
- مجلة الاحوال في سنة 1924
- مجلة الصباح من سنة 1926-1929
اما عن التفاعل المجتمعي والشعبي من خلال الاحداث التي شهدها الميدان وسجلت مراحل في حراك المجتمع المصري ومطالباته بحقوقه على مدى ما يقرب من القرن ونصف القرن ، فانها في مجموعها تمثل حكاية متتابعة الفصول ارتبطت بالميدان وسجلت معه وفيه تاريخ هذا المجتمع وكفاحه وفعالياته ومواقفه الشعبية قبل الرسمية او المؤسسية .ز
ونظرا لجغرافية المكان وموقعه في قلب العاصمة ارتبط بتلك التفاعلات المجتمعية واصبح مسرحا لها ولأحداثها السياسية الوطنية والمؤثرة في تاريخ المجتمع والمدينة والدولة ، فارتباط المكان والميدان بالمراكز الفاعلة في الدولة قديما وحديثا .. فهنا كانت ثكنات اللانجليز والشوارع المؤدية الى مقر المندوب السامي الانجليزي والى بيت زعيم الامة ” سعد زغلول ” والى مجلس الوزراء والبرلمان ووزارة الداخلية ، والى قصر عابدين مقر الملك .. ببساطة نحن في قلب مؤسسات الدولة والحكم ، كما اننا في قلب المدينة ومدخل العاصمة ..
ومن هذه الفعاليات والاحداث على سبيل الاسترشاد وليس الحصر ..
1882 يوم حزين في تاريخ الوطن
وصلت قوات جيش الاحتلال الانجليزي لقلب العاصمة في سبتمبر 1882 الى ميدان الاسماعيلية واتخذت من ثكنات قصر النيل مستقرا لها لتحط فيه رحالها بعد ان كانت الثكنات مقرا لنظارة الحربية وللجيش المصري .. وعندها شهد الميدان في ذات الشهر حين عاد الخديو توفيق الى القاهرة في حماية قوات الاحتلال ونزل في سراي الاسماعيلية كان موكبا مخزيا وكانت لحظة تاريخية تجري احداثها على ارض الميدان ، وكانت الاعلان عن رمزية كفاح المصريين الوطنيين ضد الاحتلال ترسخت في وعي وذاكرة المجتمع في صمت صراع المصريين مع المحتل والظلم والتبعية المؤسفة للحاكم الغازي المحتل ..
1935 – انتفاضة الطلبة في الميدان
كانت انتفاضة الطلبة سنة 1935 احد المشاهد التاريخية التي عرفها الميدان والتي جاءت كرد فعل لتصريح وزير خارجية انجلترا وبعد تعطيل الملك فؤاد للدستور ورفض العودة لدستور 1923 ، وكان رد فعل الطلبة اهم القوى المؤثرة في الملعب السياسي وقرر الطلبة الاضراب العام في نوفمبر 1935 وخرجوا من اسوار الجامعة متجهين لبيت الامة واستمر اندفاع الطلبة اسبوعين ، سقط فيها شهداء .. وانتهت بنجاح المظاهرات وانتفاضة الطلبة ومن ورائهم الامة بعودة العمل بدستور 1923 وكان الميدان في هذه اللحظة حاضرا في المشهد ، بل في مقدمة المشهد ..
1946 الانتفاضة الشعبية
انطلقت المظاهرات في فبراير 1946 في يوم اتفقت عليه القوى السياسية انه يوم الجلاء بعد فشل المفاوضات بين حكومة النقراشي والانجليز ، اخذت المظاهرات السلمية في حالة توحد عاشها المجتمع المصري باعلان الاضراب العام ، واتخذت من ميادين العاصمة مسرحا للتعبير عن موقفهم وكان ميدان الخديو اسماعيل متصدرا المشهد ، ومنه اتجهت المظاهرات الى القنصلية الانجليزية ، واجهتها قوات الانجليز من ثكناتهم بالرصاص وسقط الشهداء على ارض الميدان مسجلين مطالبهم بالجلاء والحرية ، وسجل الميدان الموقف الوطني الشعبي في حقوقه المشروعة ..
1951 مظاهرة مليونية
في يوم 14 نوفمبر 1951 شهد الميدان مظاهرة مليونية كبرى زاد عددها عن المليونين خرجت من قلب مصر الى الميدان قلب المدينة .. خرجت من خلف البيوت المغلقة بهموم الوطن الى ميدان الخديو اسماعيل وكانت المظاهرة على خلفية الغاء النحاس باشا معاهدة 1936 ، وكانت انطلاقة مرحلة جديدة من الكفاح الوطني وكانت للمظاهرة مطلب اساسي هو رحيل المحتل الانجليزي عن ارض مصر ، وفي نفس الوقت احياء وتخليد ذكرى شهداء الامة على ارض الميدان .. كل الميادين ، وكانت المشاركة جماعية لكل طوائف المجتمع خرجت فيها المرأة المصرية في هذه التظاهرة الكبرى او كما اطلق عليها موكب الشهداء ..
1953 الضباط الاحرار في الميدان
مشهد اخر للميدان يظهر فيه على خلفية ثورة يوليو 1952 ، يظهر فيه الميدان في فعالية مباركة الشعب لثورة الجيش ، ثوار يوليو عرفوا طريقهم للميدان في يناير 1953 في مهرجان اطلق عليه مهرجان التحرير وفي هذه الفاعلية اعلن اللواء محمد نجيب الذي كان يتصدر شرفيا حركة الضباط الاحرار بيانا في الميدان بقيام هيئة التحرير وهي تنظيم شعبي ينطوي تحته المصريون كبديل للاحزاب السياسية المتناحرة على السلطة والتي صدر قرار بحلها .. حالة من التوهج الشعبي والوطني استضافتها ارض الميدان الذي اعلن ليكون ميدانا للتحرير فعلا وتسمية .. بعد ان حمل الميدان في ذاكرته انتفاضات ومظاهرات الامة المصرية خلال عقود طلبا للحرية .
شهد وشارك في هذه الفاعلية ما يزيد عن المليون مصري مؤيدين ومعلنين بداية مرحلة جديدة للامة والوطن ..
2011 انتفاضة الحراك الثوري للتغيير
حكاية بدأت 25 يناير 2011 ومازلت احداثها جارية على ارض الميدان وفي قلب الوطن .. سيأتي زمان روايتها بعد ان تتضح صورها الحق والحقيقة ..
هنا كانت بداية .. وهنا نبحث عن نهاية لنبدأ من جديد ..
هذه رحلة من قصاصات الزمان وقفنا فيها عند محطات في تاريخ المكان من حكايات الميدان .. بدأت هنا والرواية فصولها مستمرة رسمت الخريطة الوطنية والثقافية والزمانية للميدان والعمارة والانسان ..
هي مجرد بعض من كل ..
قصاصات من ارشيف مكتبة مركز طارق والي العمارة والتراث .. تحكي لمن لايعرف وترشد من لا يعي .. صادقة بقدر مصداقيتها ..